دور مهم للوالدين في التخفيف من أثر الصدمة على الطفل
أطفال يتأثرون نفسيا بموت الحيوانات وتغيير المسكن والمدرسة
المدينة المنورة:خالد الجهني
يشعر الأطفال والمراهقون بمشاعر الحزن والأسى والخوف نتيجة فقدان من يحبون، أو عند حوادث الموت القريبة منهم. كما يشعر بها الكبار، وإن اختلفت طرق التعبير عن تلك المشاعر، وفي بعض الأحيان يتأثرون بالأحداث الناشئة كموت الحيوانات التي ألفوها أو عند تغيير المسكن أو المدرسة . مما يثير استغراب الكبار أحيانا.
وطالب اختصاصين نفسيون بمحاولة فهم الأثر الذي تتركه الأحاسيس المختلفة من الحزن والأسي ومشاعر الفقد على سلوك وعواطف الناشئة، ورد الفعل تجاه هذه المشاعر، لأن ذلك يساعد الآباء والمعلمين والمهتمين على التعامل معها بشكل إيجابي.
يقول مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة الدكتور عبدالحميد عبدالله الحبيب "عندما تفقد الأسرة أحد افردها أو تمر بظروف صعبة يشعر الأطفال على وجهه الخصوص بأنهم معرضون للخطر، وفقدان الشعور بالأمن، وفي بعض الأحيان قد يصعب على الأطفال فهم ما يجري حولهم إذا لم يبادر الكبار مثل الآباء والمعلمين إلى مناقشة الوضع الراهن ونتائجه معهم، ومحاولة تقريبه إلى أذهانهم ، وإن لم نحسن التعامل مع هذه الحالات فإنها قد تترك أثرا نفسيا بالغا على الأبناء".
وأكد الحبيب أن انفصال الوالدين أو طلاقهما يشكل صعوبة بالغة للأطفال ، مشيرا إلى أن الصراعات التي تحدث بين الوالدين تحدث نوعا من التشويش وعدم الاتزان والأسي، وتسبب قلقا وخوفا من المستقبل.
وطالب الوالدين بإبعاد الأطفال عن المشاكل قدر الإمكان، والتنسيق فيما بينهما لضمان سلامة ومشاعر وعواطف الأبناء، وأن يحرص كل منهما على الحفاظ على صورة الأب والأم المثالية في أذهان أبنائهما.
يقول "لفرط حساسية بعض الأطفال فإنه حتى الانفصال المؤقت والعابر الذي تحتمه ظروف الحياة يثير لديهم مشاعر الخوف والحزن. كما أن وسائل الإعلام المختلفة وما تتناقله من أخبار سيئة ومثيرة للخوف لها تأثير مباشر على الأطفال والشباب، وهنا يجب على الكبار التعامل معهم بطريقة علمية ممزوجة بالحب والعاطفة ، وذلك بمناقشة هذه الأخبار ومدى أثرها، وما هي الأشياء التي تثير مشاعرهم، وعدم تجاهلها، والاكتفاء بكلمات التطمين العائمة العابرة"، مؤكدا أن التحكم بتلك الوسائل الإعلامية تحت إشراف مباشر من الأسرة في غاية الأهمية.
وبين الحبيب أن "الموت إحدى الظواهر الكونية والسنن الإلهية الجارية على المخلوقات، وأطفال ما قبل المدرسة يعتقدون أن الموت ظاهرة مؤقتة وطارئة وسوف تعود الأشياء كما كانت، كما يحدث في أفلام الكرتون مثلا".
وأشار إلى أن "الأطفال من 5 إلى 9 سنوات يبدأون بالتفكير بطريقة تشبه الكبار. لكن لا يزالون يعتقدون أن الموت أمر لا يمكن أن يصيبهم هم أو أقاربهم ، ونظراً لما يصيب الكبار عند وفاة احد أقاربهم وانشغالهم بأنفسهم، مما يجعلهم غير قادرين على مساعدة الأطفال في محيطهم هناك طرق عديدة منها اجعلهم يشعرون بحبك لهم وعطفك عليهم وأنك موجود لمساعدتهم".
يقول الدكتور الحبيب "أجب على تساؤلاتهم بصراحة وبساطة، وحاول إشراكهم في المسائل التي تمسهم بشكل مباشر ، مثل أين يذهبون وعند من يقيمون، والتحدث إليك أو لمن يرغبون من المقربين، وأخبر أصدقاءهم ومعلميهم بما حدث لهم، لأن مشاركتهم لهم تخفف عنهم ما قد يشعرون به".
ويضيف الحبيب أنه تظهر لدى بعض الأطفال الذين يتعرضون للصدمات بعض الآثار النفسية والفسيولوجية كما عند الكبار ، وإن اختلفت أشكالها وطريقة التعبير عنها، فهم يستخدمون تعابير مختلفة وغير مباشرة ، خاصة عند تعرضهم للصدمات والكوارث المختلفة.
وعن هذه العلامات قال "من العلامات التي تصاحب تذكر الصدمة استرجاع الكارثة والعيش في أجوائها، وذلك من خلال تمثيل الحادثة وقت اللعب، وفي حالات الفقد نتيجة الوفاة في حوادث عنيفة قد يذكر الأطفال أنهم يرون ما يشبه الأشباح أو الضلال لمن فقدوهم".
وبين استشاري الطب النفسي أن "الأطفال يحدث لهم بعد الصدمة شد عصبي وخوف، ويظهر بأشكال منها التركيز والانتباه وشرود الذهن، والالتصاق بالآخرين والاعتماد عليهم بشكل مبالغ فيه وعلى غير العادة، ونوبات بكاء شديدة لمحاولة جذب أنظار الآخرين .
وأشار إلى أن الأعراض لا تظهر بشكل مباشر بعد التعرض إلى الصدمة، وقد تتأخر بعض الشيء، وهنا قد يسيء المحيطون بالطفل الفهم، ويعتقدون أنه قلة أدب من الطفل أو دلال غير مبرر".
وعن دور الوالدين في التخفيف من أثر الصدمة على الطفل قال الدكتور الحبيب "أولى الخطوات التي يجب أن ينتبه إليها الوالدان أن ما يقوم به الطفل ناتج عن ما تعرض له من صدمة، وأن يتحليا بالصبر وعدم التعجل أو الغضب، وأن يتجنبا لومه أو تأنيبه على ما يعمل، والحرص على التواصل معه بشكل جيد وتشجيعه على التعبير عن مشاعره، وأن تتصرف الأسرة بشكل طبيعي وتزاول أنشطتها، وتشجع الطفل على المشاركة في الأوقات الممتعة والجميلة التي يقضونها مع البعض، وتشجيع الطفل وبقية أعضاء الأسرة على ممارسة أدوارهم الطبيعية ويجب عدم وجود حماية أكثر من اللازم ومبالغ فيها مع الاستمرار في تشجيع الطفل بالتدريج إذا لم يكن ممكنا دفعة واحدة".
وأوضح أنه قد لا يتمكن الطفل من القيام بذلك دفعة واحدة مثل الذهاب إلى المدرسة مباشرة بعد الصدمة، وأن الطفل في أغلب الحالات يتجاوز هذه الأزمة بمؤازرة ودعم والديه والمحيطين به، وفي بعض الحالات النادرة يكون هناك حاجة إلى مساعدة بعض المختصين، عند زيادة الأعراض وزيادتها مثل الاضطرابات الشديدة في النوم وأعراض الاكتئاب وفقدان الشهية ونقص الوزن. مع ظهور أنماط من السلوك العدواني المتزايد، والذي قد يؤذي به نفسه والآخرين والعزلة الطويلة المستمرة