في الحلقة 24 من السيرة النبوية بقناة العربية
فتح حصون خيبر وقصة شاة مسمومة أهدتها "يهودية" طعاما للنبي
دبي - العربية.نت
تتابع قناة "العربية" اليوم الأربعاء 24-9-2008 حلقاتها عن السيرة النبوية، حيث تصل إلى غزوة "خيبر" التي تبعد 170 كم شمال المدينة المنورة، والتي أنهت وجود اليهود في هذه الواحة الواسعة الحصينة ذات السهول الخضراء وينابيع الماء الكثيرة.
وتشير الحلقة التي تذاع في الساعة 5.30 بتوقيت مكة، 2.30 بتوقيت جرينتش، أن نتائج كثيرة ترتبت على هذه الغزوة، فقد تم التخلص من وكر يدبر المؤامرات والدسائس ضد المسلمين.
ويتناول د. صفوت حجازي قصة مؤامرة امرأة يهودية تظاهرت بالإسلام، وأهدت للرسول صلى الله عليه وسلم طعاما مكونا من كتفِ شاةٍ فيها سمٌّ شديد. تناول النبي مَضْغةً منها، ثم لَفظَها، وبعدها اعتلّتْ صحتُه. وتؤكد الروايات أنها كانت من أسباب وفاتِه صلى الله عليه وسلم بعد نحوِ أربع سنوات.
ويقول معلق حلقات السيرة، إن المسلمين كانوا مضطرين إلى اتخاذ إجراءات ضد اليهود بعد كل معركة يخوضونها مع قريشٍ وحلفائها، بسبب نقض اليهود اتفاقاتِهم وتعهداتهم. فبدأت الإجراءاتُ أولا ضد بني قينُقاع بعد معركة بدر، ثم ضد بني النضير بعد معركة أحد، وأخيرا ضد بني قريظة بعد غزوة الأحزاب.
ويوضح د.محمد عمارة مرحلة طرد اليهود من المدينة المنورة، حيث لجؤوا إلى مدينة "خيبر" المدججة بالحصون المنيعة ليلتحقوا باليهود المقيمين فيها.
الخروج إلى خيبر
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، في السنة السابعة من الهجرة، ومعه وهم ألف وأربعمائة مقاتل. وفور خروجه، أرسلَ رأس المنافقين عبدُ الله بنُ أُبيٍّ إلى يهودِ خيبرِ مَنْ يخبرهم بنبأ توجه المسلمين إليهم، ويطلب أن يأخذوا حِذْرَهم، وأن لا يخافوا المسلمين فإن عددهم وعتادهم قليل.
فلما علم بذلك أهل خيبر، أرسلوا مبعوثا إلى قبيلة غَطَفان، يطلبون النجدة، لوجود حلف بين غَطَفان وخيبر، وأعلنوا أنهم سيقدمون لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين. فتهيأت غطفان وتوجهت إلى خيبر. فلما كانوا في الطريق، جاء من يخبرهم أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا، ولم يتقدموا لمساعدة يهود خيبر.
استخدم الجيش الإسلامي خُدعة عسكرية وهو في طريقه إلى خيبر، فبدلا من أن يأتيها من جهة الجنوب، وهي الجهة المنتظرة، توجه شمالا، بحيث يفاجئها من جهة الشمال، وليقطع على اليهود طريقَ الفرار إلى الشام.
بات المسلمون الليلةَ الأخيرة على أطرافِ خيبرَ الشمالية، من دون أن يشعر اليهود بوجودهم، فخرجوا صباحا كعادتهم إلى مزارعهم، وإذ بجيش المسلمين يهاجِمُ مدينتهم، فولوْا هاربين إلى حصونهم، واتخذوا أوضاعا قتالية لمنع المسلمين من اقتحامها.
وصف مدينة خيبر
مدينة خيبر
كانت خيبر تتكون من شطرين، في أحدهما خمسة حصون، وفي الآخر ثلاثة حصون. بدأ المسلمون قتالَهم في الشطر الأول منها. وقد دامت هذه المعركة أياما طويلة بسبب القدرات التحصينية العالية لدى يهود خيبر، ولوجود كثير من الأسلحة والأغذية المخزنة لديهم.
ويوضح د.طارق السويدان أن يهود خيبر كانوا مقتنعين بأنهم في منعة وقوة تحميانهم من هجوم المسلمين، لأن هذه الحصون السبعة لا يوجد لها مثيل في جزيرة العرب.
بدأ المسلمون هجومهم بقيادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه على حصن منيع، يُسمى حصنَ ناعم، وكان خط الدفاع الأول لليهود لمكانه الاستراتيجي. دعاهم إلى الاستسلام، لكنهم رفضوا، وأصروا على المواجهة.
ودار قتال مرير حول الحصن، قتل فيه عدد من اليهود، فانهارت مقاومتُهم، واقتحم المسلمون هذا الحصن. ثم هاجموا بقيادة الحُبَابِ بنِ المنذر الحصن الثاني، وكان يسمى حِصْنَ الصعب، وفرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث، استسلم اليهود فيه، فوجده المسلمون مليئا بالمواد التموينية والأسلحة، بما فيها عدد من المنجنيقات.
حصار قلعة الزبير
هرب اليهود بعد سقوط هذين الحصنين إلى موقع عالٍ يسمى قلعة الزبير، فحاصره المسلمون ثلاثة أيام. ثم جاء من يخبر الرسول أن هناك مَوْرِدا سِرِّياً يزود الحصن بالماء. فطلب الرسول قطعه. ثم خرج اليهود وقاتلوا قتالا شديدا، قُتل فيه نفر من المسلمين، ثم سقطت هذه القلعة. وانتقل القتال إلى قلعة أُبَيّ، إلى أن سقطت، فتسلل اليهود إلى حصن النزار، وهو آخر حصن في الشطر الأول.
تحصن فيه اليهود في حصن النزار الذي يقع على جبل مرتفع، واستخدموا النبال، وحجارة المنجنيقات ضد المسلمين. وعندها أمر النبي صلى الله عليه وسلم باستخدام المنجنيقات التي غنموها من الحصون الأولى، فأوقعت خللا في جدران الحصن، فاقتحمه المسلمون، ودار قتال مرير انهزم فيه اليهود، وفروا تاركين عائلاتهم. وبذلك تم فتحُ الشطرِ الأول من خيبر.
تسلل اليهود إلى الشطر الثاني، ففرض المسلمون عليه حصارا دام 14 يومًا. وقبل أن يأمر الرسول بقصفه بالمنجنيقات، طلب اليهود الصلح والتفاوض. وتم ذلك على شرط أن يخلوا ما بقي من حصونهم ويغادروها من دون سلاح ولا مال. وبذلك سقطت خيبرُ كلُّها. وغنم المسلمون منها مغانم كبيرة. وفي هذه المعارك قُتل 16 رجلاً من المسلمين، مقابل 93 من اليهود.