كــنــــز الــكــــعـــبــــة...الكعبة..الحج....... تعريف الحج ،.. فوائد الحج ...، اركان الحج ،..العمرة...الحج....اهمية حج بيت الله...الطواف..سنن الاحرام.... *صور
--------------------------------------------------------------------------------
ـ كنز الكعبة :
(( عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الْكُرْسِيِّفِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ : لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ عُمَرُ رضيالله عنه فَقَالَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلابَيْضَاءَ إِلا قَسَمْتُهُ ، قُلْتُ : إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلا ،قَالَ : هُمَا الْمَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا ))[1] .
شَيْبَة : هُوَ اِبْن عُثْمَان بْن طَلْحَة بْن عَبْد الْعُزَّى بْنعُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الدَّار بْن قُصَيّ الْعَبْدَرِيّالْحَجَبِيُّ نِسْبَة إِلَى حَجَبِ الْكَعْبَة يُكَنَّى أَبَا عُثْمَان .
وعِنْدَ اِبْن مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيِّ بِهَذَا السَّنَد " بُعِثَ مَعِيرَجُل بِدَرَاهِم هَدِيَّة إِلَى الْبَيْت , فَدَخَلْت الْبَيْت وَشَيْبَةجَالِس عَلَى كُرْسِيّ , فَنَاوَلْته إِيَّاهَا فَقَالَ : لَك هَذِهِ ؟فَقُلْت : لا وَلَوْ كَانَتْ لِي لَمْ آتِك بِهَا , قَالَ أَمَّا إِنْقُلْت ذَلِكَ فَقَدْ جَلَسَ عُمَر بْن الْخَطَّاب مَجْلِسك الَّذِي أَنْتَفِيهِ " فَذَكَرَهُ .
قَوْله : ( صَفْرَاء وَلا بَيْضَاء ) أَيْ ذَهَبًا وَلا فِضَّة
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : غَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَحِلْيَة الْكَعْبَة , وَإِنَّمَا أَرَادَ الْكَنْز الَّذِي بِهَا , وَهُوَمَا كَانَ يُهْدَى إِلَيْهَا فَيُدَّخَر مَا يَزِيد عَنْ الْحَاجَة ,وَأَمَّا الْحُلِيّ فَمُحْبَسَة عَلَيْهَا كَالْقَنَادِيلِ فَلا يَجُوزصَرْفهَا فِي غَيْرهَا .
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يُهْدُونَ إِلَى الْكَعْبَة الْمَال تَعْظِيمًا لَهَا فَيَجْتَمِع فِيهَا .
قَوْله : ( إِلا قَسَمْته ) أَيْ الْمَال , وعِنْدَ الْمُصَنِّف فِيالاعْتِصَام " إِلا قَسَمْتهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ " وَعِنْدَالإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْه " لا أَخْرُجُ حَتَّى أُقْسِم مَالالْكَعْبَة بَيْنَ فُقَرَاء الْمُسْلِمِينَ "
وَدَارَ نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة بَيْنَ عُمَر أَيْضًا وَأُبَيِّ بْن كَعْبأَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَعُمَر بْن شَبَّة مِنْ طَرِيق الْحَسَن "أَنَّ عُمَر أَرَادَ أَنْ يَأْخُذ كَنْز الْكَعْبَة فَيُنْفِقهُ فِيسَبِيل اللَّه فَقَالَ لَهُ أُبَيُّ بْن كَعْب : قَدْ سَبَقَك صَاحِبَاك ,فَلَوْ كَانَ فَضْلاً لَفَعَلاهُ " لَفْظ عُمَر بْن شَبَّة .
وَفِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق " فَقَالَ لَهُ أُبَيُّ بْن كَعْب :وَاَللَّه مَا ذَاكَ لَك , قَالَ : وَلِمَ ؟ قَالَ : أَقَرَّهُ رَسُولاللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
قَالَ اِبْن بَطَّال : أَرَادَ عُمَر لِكَثْرَتِهِ إِنْفَاقه فِي مَنَافِعالْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ لَمَّا ذُكِّرَ بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهعَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَعَرَّض لَهُ أَمْسَكَ , وَإِنَّمَا تَرَكَاذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم لأَنَّ مَا جُعِلَ فِي الْكَعْبَة وَسُبِّلَلَهَا يَجْرِي مَجْرَى الأَوْقَاف فَلا يَجُوز تَغْيِيره عَنْ وَجْهه ,وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيم الإِسْلام وَتَرْهِيب الْعَدُوّ .
قُلْت : أَمَّا التَّعْلِيل الأَوَّل فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ الْحَدِيثبَلْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون تَرَكَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَلِذَلِكَ رِعَايَة لِقُلُوبِ قُرَيْش كَمَا تَرَكَ بِنَاء الْكَعْبَةعَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم , وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِم فِيبَعْض طُرُق حَدِيث عَائِشَة فِي بِنَاء الْكَعْبَة " لأَنْفَقْت كَنْزالْكَعْبَة " وَلَفْظه " لَوْلا أَنَّ قَوْمك حَدِيثُو عَهْد بِكُفْرٍلأَنْفَقْت كَنْز الْكَعْبَة فِي سَبِيل اللَّه , وَلَجَعَلْت بَابهَابِالأَرْضِ " الْحَدِيث , فَهَذَا التَّعْلِيل هُوَ الْمُعْتَمَد .
وَحَكَى الْفَاكِهِيّ فِي " كِتَاب مَكَّة " أَنَّهُ صَلَّى اللَّهعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ فِيهَا يَوْم الْفَتْح سِتِّينَ أُوقِيَّة ,فَقِيلَ لَهُ : لَوْ اِسْتَعَنْت بِهَا عَلَى حَرْبك فَلَمْ يُحَرِّكهُ .
وَعَلَى هَذَا فَإِنْفَاقه جَائِز كَمَا جَازَ لابْنِ الزُّبَيْربِنَاؤُهَا عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم لِزَوَالِ سَبَب الامْتِنَاع ,وَلَوْلا قَوْله فِي الْحَدِيث " فِي سَبِيل اللَّه " لأَمْكَنَ أَنْيُحْمَل الإِنْفَاق عَلَى مَا يَتَعَلَّق بِهَا فَيَرْجِع إِلَى أَنَّحُكْمه حُكْم التَّحْبِيس , وَيُمْكِن أَنْ يُحْمَل قَوْله فِي سَبِيلاللَّه عَلَى ذَلِكَ لأَنَّ عِمَارَة الْكَعْبَة يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُفِي سَبِيل اللَّه .
وَاسْتَدَلَّ التَّقِيّ السُّبْكِيُّ بِحَدِيثِ الْبَاب عَلَى جَوَازتَعْلِيق قَنَادِيل الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي الْكَعْبَة وَمَسْجِدالْمَدِينَة فَقَالَ : هَذَا الْحَدِيث عُمْدَة فِي مَال الْكَعْبَةوَهُوَ مَا يُهْدَى إِلَيْهَا أَوْ يُنْذَر لَهَا , قَالَ : وَأَمَّاقَوْل الرَّافِعِيّ لا يَجُوز تَحْلِيَة الْكَعْبَة بِالذَّهَبِوَالْفِضَّة وَلا تَعْلِيق قَنَادِيلهَا فِيهَا حَكَى الْوَجْهَيْنِ فِيذَلِكَ : أَحَدهمَا الْجَوَاز تَعْظِيمًا كَمَا فِي الْمُصْحَف , وَالآخَرالْمَنْع إِذْ لَمْ يُنْقَل مِنْ فِعْل السَّلَف , فَهَذَا مُشْكِل لأَنَّلِلْكَعْبَةِ مِنْ التَّعْظِيم مَا لَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْمَسَاجِدبِدَلِيلِ تَجْوِيز سَتْرِهَا بِالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاج , وَفِي جَوَازسَتْر الْمَسَاجِد بِذَلِكَ خِلاف . ثُمَّ تُمُسِّكَ لِلْجَوَازِ بِمَاوَقَعَ فِي أَيَّام الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك مِنْ تَذْهِيبه سُقُوفالْمَسْجِد النَّبَوِيّ قَالَ : وَلَمْ يُنْكِر ذَلِكَ عُمَر بْن عَبْدالْعَزِيز وَلا أَزَالَهُ فِي خِلافَته . ثُمَّ اِسْتَدَلَّ لِلْجَوَازِبِأَنَّ تَحْرِيم اِسْتِعْمَال الذَّهَب وَالْفِضَّة إِنَّمَا هُوَ فِيمَايَتَعَلَّق بِالأَوَانِي الْمُعَدَّة لِلأَكْلِ وَالشُّرْب وَنَحْوهمَاقَالَ : وَلَيْسَ فِي تَحْلِيَة الْمَسَاجِد بِالْقَنَادِيلِ الذَّهَبشَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيّ : مَنْ كَتَبَ الْقُرْآنبِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَن فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُت فِي الذَّهَب إِلاتَحْرِيمه عَلَى الأُمَّة فِيمَا يُنْسَب لِلذَّهَبِ وَهَذَا بِخِلافِهِفَيَبْقَى عَلَى أَصْل الْحِلّ مَا لَمْ يَنْهَ إِلَى الإِسْرَافاِنْتَهَى .
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ تَجْوِيز سَتْر الْكَعْبَة بِالدِّيبَاجِ قَامَالإِجْمَاع عَلَيْهِ , وَأَمَّا التَّحْلِيَة بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةفَلَمْ يُنْقَل عَنْ فِعْل مَنْ يُقْتَدَى بِهِ , وَالْوَلِيد لا حُجَّةفِي فِعْله , وَتَرْكُ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز النَّكِير أَوْالإِزَالَة يَحْتَمِل عِدَّة مَعَانٍ فَلَعَلَّهُ كَانَ لا يَقْدِر عَلَىالإِنْكَار خَوْفًا مِنْ سَطْوَة الْوَلِيد , وَلَعَلَّهُ لَمْ يُزِلْهَالأَنَّهُ لا يَتَحَصَّل مِنْهَا شَيْء , وَلا سِيَّمَا إِنْ كَانَالْوَلِيد جَعَلَ فِي الْكَعْبَة صَفَائِح فَلَعَلَّهُ رَأَى أَنَّتَرْكَهَا أَوْلَى لأَنَّهَا صَارَتْ فِي حُكْم الْمَال الْمَوْقُوففَكَأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهَا مِنْ غَيْره , وَرُبَّمَا أَدَّى قَلْعه إِلَىإِزْعَاج بِنَاء الْكَعْبَة فَتَرَكَهُ , وَمَعَ هَذِهِ الاحْتِمَالات لايَصْلُح الاسْتِدْلال بِذَلِكَ لِلْجَوَازِ .
وَقَوْله إِنَّ الْحَرَام مِنْ الذَّهَب إِنَّمَا هُوَ اِسْتِعْمَاله فِيالأَكْل وَالشُّرْب إِلَخْ هُوَ مُتَعَقَّب بِأَنَّ اِسْتِعْمَال كُلّشَيْء بِحَسَبِهِ , وَاسْتِعْمَال قَنَادِيل الذَّهَب هُوَ تَعْلِيقهَالِلزِّينَةِ , وَأَمَّا اِسْتِعْمَالهَا لِلإِيقَادِ فَمُمْكِن عَلَىبُعْد .
وَتَمَسُّكه بِمَا قَالَهُ الْغَزَالِيّ يُشْكِل عَلَيْهِ بِأَنَّالْغَزَالِيّ قَيَّدَهُ بِمَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الإِسْرَاف ,وَالْقِنْدِيل الْوَاحِد مِنْ الذَّهَب يَكْتُب تَحْلِيَة عِدَّة مَصَاحِف, وَقَدْ أَنْكَرَ السُّبْكِيُّ عَلَى الرَّافِعِيّ تَمَسُّكَهُ فِيالْمَنْع بِكَوْنِ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَل عَنْ السَّلَف
وَجَوَابه أَنَّ الرَّافِعِيّ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ مَضْمُومًا إِلَى شَيْءآخَر وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ النَّهْي عَنْ اِسْتِعْمَال الْحَرِيروَالذَّهَب فَلَمَّا اِسْتَعْمَلَ السَّلَف الْحَرِير فِي الْكَعْبَة دُونالذَّهَب - مَعَ عِنَايَتهمْ بِهَا وَتَعْظِيمهَا - دَلَّ عَلَى أَنَّهُبَقِيَ عِنْدهمْ عَلَى عُمُوم النَّهْي , وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخالْمُوَفَّق الإِجْمَاع عَلَى تَحْرِيم اِسْتِعْمَال أَوَانِي الذَّهَب ,وَالْقَنَادِيل مِنْ الأَوَانِي بِلا شَكٍّ , وَاسْتِعْمَال كُلّ شَيْءبِحَسَبِهِ وَاَللَّه أَعْلَم .
( تَنْبِيه ) : قَالَ الإِسْمَاعِيلِيّ لَيْسَ فِي حَدِيث الْبَابلِكِسْوَةِ الْكَعْبَة ذِكْر , يَعْنِي فَلا يُطَابِق التَّرْجَمَة .وَقَالَ اِبْن بَطَّال : مَعْنَى التَّرْجَمَة صَحِيح , وَوَجْهُهَاأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ الْمُلُوك فِي كُلّ زَمَان كَانُوا يَتَفَاخَرُونَبِكِسْوَةِ الْكَعْبَة بِرَفِيعِ الثِّيَاب الْمَنْسُوجَة بِالذَّهَبِوَغَيْره كَمَا يَتَفَاخَرُونَ بِتَسْبِيلِ الأَمْوَال لَهَا , فَأَرَادَالْبُخَارِيّ أَنَّ عُمَر لَمَّا رَأَى قِسْمَة الذَّهَب وَالْفِضَّةصَوَابًا كَانَ حُكْم الْكِسْوَة حُكْم الْمَال تَجُوز قِسْمَتهَا , بَلْمَا فَضَلَ مِنْ كِسْوَتهَا أَوْلَى بِالْقِسْمَةِ .
وَقَالَ اِبْن الْمُنَيِّرِ فِي الْحَاشِيَة : يَحْتَمِل أَنْ يَكُونمَقْصُوده التَّنْبِيه عَلَى أَنَّ كِسْوَة الْكَعْبَة مَشْرُوع ,وَالْحُجَّة فِيهِ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ تُقْصَد بِالْمَالِ يُوضَع فِيهَاعَلَى مَعْنَى الزِّينَة إِعْظَامًا لَهَا فَالْكِسْوَة مِنْ هَذَاالْقَبِيل , قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ مَا فِي بَعْض طُرُقالْحَدِيث كَعَادَتِهِ وَيَكُون هُنَاكَ طَرِيق مُوَافَقَة لِلتَّرْجَمَةِإِمَّا لِخَلَلِ شَرْطهَا وَإِمَّا لِتَبَحُّرِ النَّاظِر فِي ذَلِكَ ,وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَخَذَهُ مِنْ قَوْلعُمَر : لا أَخْرُجُ حَتَّى أَقْسِم مَال الْكَعْبَة , فَالْمَال يُطْلَقعَلَى كُلّ شَيْء فَيَدْخُل فِيهِ الْكِسْوَة , وَقَدْ ثَبَتَ فِيالْحَدِيث " لَيْسَ لَك مِنْ مَالِك إِلا مَا لَبِسْت فَأَبْلَيْت " قَالَ: وَيَحْتَمِل أَيْضًا - فَذَكَرَ نَحْو مَا قَالَ اِبْن بَطَّال وَزَادَ- فَأَرَادَ التَّنْبِيه عَلَى أَنَّهُ مَوْضِع اِجْتِهَاد , وَإِنْ رَأَىعُمَر جَوَاز التَّصَرُّف فِي الْمَصَالِح . وَأَمَّا التَّرْك الَّذِياِحْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ شَيْبَة فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَنْع ,وَاَلَّذِي يَظْهَر جَوَاز قِسْمَة الْكِسْوَة الْعَتِيقَة , إِذْ فِيبَقَائِهَا تَعْرِيض لإِتْلافِهَا وَلا جَمَال فِي كِسْوَة عَتِيقَةمَطْوِيَّة , قَالَ : وَيُؤْخَذ مِنْ رَأْي عُمَر أَنَّ صَرْف الْمَال فِيالْمَصَالِح آكَد مِنْ صَرْفه فِي كِسْوَة الْكَعْبَة , لَكِنَّالْكِسْوَة فِي هَذِهِ الأَزْمِنَة أَهَمُّ . قَالَ : وَاسْتِدْلال اِبْنبَطَّال بِالتَّرْكِ عَلَى إِيجَاب بَقَاء الأَحْبَاس لا يَتِمّ إِلا إِنْكَانَ الْقَصْد بِمَالِ الْكَعْبَة إِقَامَتهَا وَحِفْظ أُصُولهَا إِذَااُحْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْقَصْد مِنْهُمَنْفَعَة أَهْل الْكَعْبَة وَسَدَنَتهَا أَوْ إِرْصَاده لِمَصَالِحالْحَرَم أَوْ لأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ , وَعَلَى كُلّ تَقْدِير فَهُوَتَحْبِيس لا نَظِير لَهُ فَلا يُقَاس عَلَيْهِ اِنْتَهَى .
وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ طَرِيق حَدِيث شَيْبَة هَذَا مَا يَتَعَلَّقبِالْكِسْوَةِ , إِلا أَنَّ الْفَاكِهِيّ رَوَى فِي " كِتَاب مَكَّة "مِنْ طَرِيق عَلْقَمَة بْن أَبِي عَلْقَمَة عَنْ أُمّه عَنْ عَائِشَةرَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ " دَخَلَ عَلَيَّ شَيْبَةُ الْحَجَبِيُّفَقَالَ : يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ ثِيَاب الْكَعْبَة تَجْتَمِععِنْدنَا فَتَكْثُر , فَنَنْزِعهَا وَنَحْفِر بِئَارًا فَنُعَمِّقهَاوَنَدْفِنهَا لِكَيْ لا تَلْبَسهَا الْحَائِض وَالْجُنُب , قَالَتْ :بِئْسَمَا صَنَعْت , وَلَكِنْ بِعْهَا فَاجْعَلْ ثَمَنهَا فِي سَبِيلاللَّه وَفِي الْمَسَاكِين , فَإِنَّهَا إِذَا نُزِعَتْ عَنْهَا لَمْيَضُرّ مَنْ لَبِسَهَا مِنْ حَائِض أَوْ جُنُب , فَكَانَ شَيْبَة يَبْعَثبِهَا إِلَى الْيَمَن فَتُبَاع لَهُ فَيَضَعهَا حَيْثُ أَمَرَتْهُ "وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْه , لَكِنْ فِي إِسْنَادهرَاوٍ ضَعِيف , وَإِسْنَاد الْفَاكِهِيّ سَالِم مِنْهُ .
وَأَخْرَجَ الْفَاكِهِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق اِبْن خَيْثَم " حَدَّثَنِيرَجُل مِنْ بَنِي شَيْبَة قَالَ : رَأَيْت شَيْبَة بْن عُثْمَان يُقَسِّممَا سَقَطَ مِنْ كِسْوَة الْكَعْبَة عَلَى الْمَسَاكِين "
وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ عُمَركَانَ يَنْزِع كِسْوَة الْبَيْت كُلّ سَنَة فَيَقْسِمهَا عَلَى الْحَاجّ "فَلَعَلَّ الْبُخَارِيّ أَشَارَ إِلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ . [2]
[1] رواه البخاري (1594) .
[2] الفتح (3/534-538)