المال هو أساس الشراء، أو "المال لا ينبت على الأشجار"، أو "ارني المال"،كل هذه عبارات شائعة في المجتمع، ولكن ما هي الرسالة التي ترسلها أنت لأطفالَك عن المال؟
سواء كنت مدركا لهذا الامر أم غير مدرك، سيتعلم الأطفال من طريقة تعاملك مع المال أكثر مما قد تخبرهم أنت. وعندما يتعلق الأمر بالمال مثل المسؤولية المالية، ووضع الميزانية، يجب أن نفكر جديا بالزمان والمكان الذي يجب أن نعلم أطفالنا عن هذه الدورس الحاسمة في الحياة؟ لانهم بالتأكيد لن يتعلموها في المدرسة.
أولا يجب على الآباء وضع خطة واضحة، وتعليمية للأطفال حول إدارة المال منذ سنوات الطفولة، ثم مراقبتهم عبر السنين، وارشادهم حول كيفية التعامل مع المال. ومن الهام ايضا، خلال هذه المدة افساح المجال أمام الأطفال للاستقلال بأرائهم، وتحديد قراراتهم، ومسؤولياتهم الشخيصة.
للأسف، غالبا ما يطرح الآباء قضية المشاكل المالية أمام الأطفال بشكل سلبي مما يجعل الاطفال يشكلون رأيا سلبيا عن المال. لذا فأول خطوة لتعليم الاطفال عن إدارة المال، هي بأن تكون قدوة لهم، عن طريق إبقاء الديون تحت السيطرة، ودفع الفواتير في الوقت المناسب، والتوفير لتحقيق أهداف بعيدة. ويعتبر المصروف أفضل طريقة للبدأ بتعليم الأطفال عن ادارة المال؛ لأن التعليم سيكون من جيبهم الخاص.
ولكن متى تبدأ في اعطاء الطفل مصروفه الشخصي؟
يعتمد ذلك بالاساس على مستوى النضج لدى الطفل، وتعتبر الفترة ما بين 8 إلى10 سنوات ملائمة بشكل عام.
ولكن قبل أن تحدد ذلك، اسأل نفسك هذه الاسئلة:
1. هل يعرف الطفل المعادلات الحسابية الاساسية، (الجمع، والطرح، والقسمة، والضرب)؟
2. هل يستطيع الطفل تخمين اسعار بعض المواد التموينية مثل العصير، والمأكولات أو الالعاب؟
3. هل يستطيع الطفل مقاومة الاغراء، مثلا إذا طلبت منه عدم تناول الحلوى حتى ينتهي من وجبة الطعام، أو إن لا يلعب حتى ينتهي من فروضه المنزلية، بمعنى أخر هل يستطيع السيطرة على احتياجاته؟
إذا كان الجواب "نعم" على هذه الاسئلة، إذا فالطفل مستعد لأخذ المصروف. ويجب أن يكون المصروف إنعكاسا لنفقاته الأساسية، بالإضافة إلى توفر حد معقول يمكنه أن يوفر منه أو يصرفه على مواد إختيارية، مثل الالعاب والحلوى.
اجلس مع الطفل وقررا كم يصرف في الشهر على الالعاب، والحلوى، والكتب، وقص الشعر، وأدوات المدرسة، والافلام مثلا. ثم اطلب منه أن يدير شؤونه بنفسه من المصروف الذي ستعطيه إياه بناءا على هذه المعطيات، مثلا، يحتاج أن يأكل بمبلغ 10 دنانير في الشهر، ويحتاج أن يشتري ادوات للمدرسة بمبلغ 10 دنانير أخرى، يحتاج الى قص شعره مرة في الشهر بمبلغ 2 دينار، ويحتاج خمسة دنانير لشراء كتب ترفيهية، أو مجلات، او افلام. اضف الى ذلك مبلغ خمسة دنانير أخرى للتوفير. وهكذا يكون المجموع 23 دينار هي ميزانية الشهر للطفل. تذكر بأن الطفل لن يقوم دائما بإتخاذ القرارات السليمة، وبأن هذه مجرد تجربة أولية لتعليمه عن تحديد الميزانية، والانفاق والتوفير.
من جهة أخرى، يدور نقاش حامي الوطيس في اروقة علم النفس الاطفال حول جدوى اعطاء الطفل المزيد من المال عندما يقوم باتمام المهام الموكلة إليه أو انجاز الفروض أو تحقيق النجاح في المدرسة، أي المال كجائزة.
حيث يقول الكثيرون بأن العقاب المالي والمكافئة التي تستند الى مثل هذه العوامل تفسد الروح المعنوية عند الأطفال، وبأن التعزيز الإيجابي والسلبي من خلال التعليقات الأبوية يعتبر أفضل من هذه الوسيلة. وبصراحة، نحن نختلف مع وجهة النظر هذه، لأن الصراخ، أو الاهمال أو إلقاء المحاضرات على الأطفال عندما يحصلون درجات سيئة فيه ضرر أكثر، وأقل فعالية من تقليل المصروف أو حرمانهم من الجائزة المالية المتوقعة.
أولاً، الأطفال مثل كل الناس، يقعون ضمن تصنيفات مختلفة، لذا سيتجاوبون بطريقة مختلفة مع الأنواع المختلفة من التعليقات. لذا , المصروف الاساسي سيغطي ضرورات أساسية. على أية حال، بالنسبة للجوائز الاخرى، مثل ألعاب الفيديو والنشاطات المترفة الأخرى، نعتقد بأن الأباء يجب أن يستعملوا قرارتهم المنطقية لوضع نظام للجوائز مبني على الانجازات، والاستقلالية، والتعاطف.
أي العمل بطريقة تفاعلية مع الاطفال لتحقيق اهداف واقعية، وجوائز معقولة لها، كما من الهام جدا ادخال مفهوما التوفير، والعطاء الى ذهن الطفل، الامر الذي يعتبر اساسياً لتطوير شخصيته، ومسؤولياته الشخصية والاجتماعية.